تأثير انقطاع الكهرباء على الاقتصاد العراقي والقطاعات الحيوية

تأثير انقطاع الكهرباء على الاقتصاد العراقي والقطاعات الحيوية
انقطاع الكهرباء في العراق اصبح جزءا من الحياة اليومية للمواطن، لكنه لا يؤثر فقط على المنازل والمستهلكين الافراد، بل يمتد اثره العميق الى الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته.
تراجع انتاج الطاقة واستمرار الانقطاعات لساعات طويلة يؤدي الى خسائر مالية كبيرة ويعرقل عمل المصانع والمزارع والمستشفيات والمدارس، مما يضعف قدرة البلاد على النمو ويزيد من الاعتماد على الواردات والبدائل المؤقتة.
في هذا المقال نستعرض بشكل مفصل كيف يؤثر انقطاع الكهرباء على الاقتصاد العراقي وعلى اهم القطاعات الحيوية في البلاد.
تأثير انقطاع الكهرباء على القطاع الصناعي
القطاع الصناعي في العراق يعتمد بشكل كبير على استمرارية التيار الكهربائي، اغلب المصانع والمعامل لا تستطيع العمل بكفاءة اذا لم تتوفر الطاقة بشكل مستقر، وعند حدوث انقطاع تتوقف خطوط الانتاج وتتعطل الالات.
هذه الاعطال المتكررة تؤدي الى تراجع الانتاج وارتفاع كلفة التشغيل، كما تجبر بعض اصحاب المصانع على اللجوء الى المولدات الخاصة بكلفة مرتفعة مما يقلل من هامش الربح، وفي بعض الاحيان يضطر المستثمر الى اغلاق المصنع او تقليص العمالة بسبب عدم القدرة على الاستمرار تحت ضغط الكلف العالية الناتجة عن الاعتماد على بدائل الطاقة.
كل ذلك يؤدي الى ضعف التنافسية في السوق المحلي، ويزيد من الاعتماد على المنتجات المستوردة، ويعرقل جهود توطين الصناعة الوطنية.
اثر انقطاع الكهرباء على القطاع الزراعي
الزراعة تحتاج الى الكهرباء لتشغيل منظومات الري والابار والمضخات التي تعتمد على الكهرباء في عملها، وعندما تنقطع الكهرباء تتوقف هذه الانظمة عن العمل، مما يؤدي الى تلف المحاصيل، وتراجع الانتاج، وخسائر كبيرة للفلاحين خاصة في مواسم الصيف.
كما تؤثر الانقطاعات على عمليات التخزين والتبريد، مما يعرض المنتجات الزراعية للتلف السريع ويجعل من الصعب تسويقها، وهذا الوضع يدفع بعض الفلاحين الى هجر اراضيهم او التحول الى انشطة اخرى اقل خطورة، مما يهدد الامن الغذائي ويقلل من مساهمة الزراعة في الناتج المحلي.
اثر انقطاع الكهرباء على القطاع الصحي
المستشفيات والمراكز الصحية تعتمد بشكل اساسي على الكهرباء لتشغيل الاجهزة الطبية الحساسة مثل اجهزة التنفس الصناعي واجهزة الاشعة والعناية المركزة.
عند حدوث انقطاع مفاجئ في الكهرباء، تتعطل هذه الاجهزة، وقد يؤدي ذلك في بعض الحالات الى فقدان ارواح، خصوصا في اقسام الطوارئ والعمليات والعناية المركزة، ورغم وجود مولدات احتياطية في بعض المؤسسات الصحية، الا انها لا تكون دائما كافية او مستقرة، كما انها تحتاج الى وقود وصيانة مستمرة.
انقطاع الكهرباء يؤثر ايضا على سلسلة التبريد الخاصة بالادوية واللقاحات التي تحتاج الى درجات حرارة محددة للحفاظ على فعاليتها، مما يعرضها للتلف ويشكل خطرا على الصحة العامة.
اثر انقطاع الكهرباء على التعليم
انقطاع الكهرباء له اثر سلبي واضح على العملية التعليمية في العراق، خاصة بعد انتشار التعليم الالكتروني في بعض المراحل، عندما تنقطع الكهرباء لا يستطيع الطلاب استخدام الانترنت او تشغيل الاجهزة التعليمية، مما يؤدي الى انقطاع التواصل مع المعلم وضعف التحصيل العلمي.
حتى في المدارس والجامعات التقليدية، فان غياب الكهرباء يؤثر على الانارة والتهوية وتشغيل الاجهزة التعليمية، ويجعل من بيئة التعليم غير مناسبة، خاصة في فصل الصيف.
الاثر الاقتصادي العام
انقطاع الكهرباء يقلل من ساعات العمل الفعلية في المؤسسات والشركات، ويزيد من كلفة الانتاج والخدمات، ويؤثر على جودة المنتجات.
كما ان استمرار هذه الازمة يدفع المستثمرين المحليين والاجانب الى التردد في انشاء مشاريع داخل العراق، بسبب عدم توفر البنية التحتية الاساسية التي تعتبر الكهرباء جزءا مهما منها، الاضرار لا تتوقف عند القطاع الخاص فقط، بل تمتد الى القطاع الحكومي، حيث تتعطل الدوائر والمؤسسات الرسمية، وتقل كفاءة الاداء، مما يؤدي الى تباطؤ في تقديم الخدمات للمواطنين.
كيف يمكن تقليل الاثر
توجد عدة خطوات يمكن اتخاذها للتخفيف من اضرار انقطاع الكهرباء على الاقتصاد، منها:
اولا – الاستثمار في بناء محطات توليد جديدة تعمل بالغاز والطاقة المتجددة.
ثانيا – تقليل الهدر الفني والتجاري في الشبكة الوطنية.
ثالثا – تشجيع الاستخدام الذكي للطاقة وتقنين الاستهلاك.
رابعا – دعم مشاريع الطاقة الشمسية في المناطق الزراعية والنائية.
خامسا – توفير حلول تمويل ميسرة للمصانع لتأمين مصادر طاقة بديلة مؤقتة.
انقطاع الكهرباء في العراق لا يمثل مجرد ازعاج يومي، بل هو عامل رئيسي يعرقل نمو الاقتصاد ويؤثر بشكل مباشر على قطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة والصحة والتعليم.
حل هذه الازمة يتطلب ارادة سياسية واضحة، وتخطيط استراتيجي طويل المدى، واستثمار حقيقي في البنية التحتية للطاقة، حتى يتحقق الاستقرار الاقتصادي والخدمي الذي يحتاجه المواطن العراقي.
الفرق بين الكهرباء الوطنية والمولدات الأهلية في العراق وأيهما أفضل