كيف تغيرت أسعار الذهب في العراق بعد عام 2003؟ نظرة تحليلية

كيف تغيرت أسعار الذهب في العراق بعد عام 2003؟ نظرة تحليلية

كيف تغيرت أسعار الذهب في العراق بعد عام 2003؟ نظرة تحليلية، حيث  شهدت أسعار الذهب في العراق تحولات كبيرة تأثرت بمجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية، فبعد التغيرات الجذرية التي طرأت على البلاد في تلك الفترة، أصبح الذهب من أكثر الأصول التي يتجه إليها المواطنون بحثا عن الأمان المالي، وباتت متابعة أسعاره جزءا يوميا من حياة الناس، وفي هذا المقال نقدم نظرة تحليلية شاملة على كيف تغيرت أسعار الذهب في العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم.

بداية التحول الاقتصادي بعد عام 2003

شهد العراق في عام 2003 تغييرا كبيرا في النظام السياسي والاقتصادي، ومع دخول البلاد في حالة من عدم الاستقرار، توجه المواطنون نحو الذهب كوسيلة لحفظ القيمة، فقد بدأت أسعار الذهب حينها ترتفع تدريجيا نتيجة انهيار الدينار مقابل الدولار، إلى جانب ارتفاع الطلب المحلي بسبب المخاوف من الأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة.

الذهب كملاذ آمن وسط التقلبات

منذ منتصف العقد الأول بعد 2003، أصبح الذهب الخيار الأول للادخار، نظرا لفقدان الثقة في النظام المصرفي والتخوف من التضخم، وبدأ الناس يقتنون السبائك والجنيهات وحتى الذهب الكسر، وتوسعت تجارة الذهب في معظم المحافظات، خصوصا بغداد وكربلاء والنجف والموصل، وتحول الذهب من كونه زينة إلى أداة مالية واستثمارية.

العلاقة بين سعر الذهب وسعر صرف الدولار

تأثر سعر الذهب في العراق بشكل مباشر بسعر صرف الدولار الأمريكي، فكلما ضعف الدينار العراقي، ارتفعت أسعار الذهب بشكل ملحوظ، وبما أن الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل كبير على النفط والدولار، فإن أي تغير في أسعار النفط أو العقوبات الدولية كانت تؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار الذهب محليا، وقد ساهمت الأزمات المتكررة في جعل السوق حساسا لأي تغير عالمي.

الفترة بين 2003 و2010

خلال هذه الفترة، بدأت أسعار الذهب في العراق بالصعود التدريجي، مدفوعة بارتفاع الأسعار العالمية، وزيادة الطلب المحلي، فمثلا في عام 2003 كان سعر الأونصة أقل من 400 دولار، بينما تجاوزت حاجز 1000 دولار في عام 2010، وهو ما انعكس محليا على ارتفاع سعر الغرام من بضع آلاف من الدنانير إلى عشرات الآلاف، كما دخلت سبائك الذهب بشكل أوسع إلى السوق العراقي خلال هذه السنوات.

الفترة بين 2011 و2020

شهدت هذه المرحلة تقلبات حادة في الأسعار، حيث ارتفع الذهب بشكل كبير خلال الأزمات السياسية مثل سيطرة تنظيم داعش على بعض المناطق، وما رافقها من اضطرابات، وكان المواطن العراقي يلجأ إلى تحويل ما يملكه من أموال إلى ذهب، وسجلت الأسعار مستويات تاريخية خلال الأعوام 2016 و2018، بالتوازي مع ضعف الدينار وزيادة الطلب.

بعد عام 2020 وحتى 2025

دخلت أسعار الذهب في العراق مرحلة جديدة، حيث ارتبطت بشكل أكبر بالتغيرات العالمية مثل جائحة كورونا وأزمة التضخم العالمي ورفع أسعار الفائدة الأمريكية، وبلغت أسعار الذهب في بعض الفترات مستويات قياسية، ووصلت الأونصة إلى ما يقارب 2000 دولار، أما اليوم في 2025 فتتراوح أسعار الأونصة في العراق قرب 3350 دولار، مع سعر جرام عيار 24 يلامس 140 ألف دينار، وهذا يعكس حالة من الترقب والاستمرار في الاعتماد على الذهب كملاذ آمن.

تأثير الأوضاع السياسية والأمنية

لا يمكن إغفال تأثير الأوضاع الأمنية والسياسية على أسعار الذهب في العراق، ففي كل مرة تتعرض فيها البلاد لأزمة داخلية، يزداد الطلب على الذهب بشكل فوري، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ويُلاحظ أن الأسعار ترتفع محليا أسرع من ارتفاع السعر العالمي، بسبب التكاليف الإضافية ومخاطر السوق.

هل ما زال الذهب الخيار الأفضل في العراق؟

رغم تطور الأسواق ودخول وسائل استثمار جديدة، يبقى الذهب الخيار الأكثر أمانا في العراق، لأنه لا يتأثر بالقطاع المصرفي ولا يتطلب وسيطا معينا، كما يمكن تسييله بسهولة، لذلك يستمر الإقبال عليه سواء من قبل المواطنين العاديين أو المستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن طويل الأمد.

نظرة مستقبلية

من المتوقع أن تظل أسعار الذهب في العراق تحت الضغط بسبب التوترات العالمية وتقلبات سعر الصرف، ومع استمرار ارتباط السوق المحلي بالتغيرات الاقتصادية العالمية، فإن الأسعار قد تشهد ارتفاعات جديدة في حال حدوث أزمات مفاجئة، لذلك ينصح دائما بمراقبة السوق واتخاذ قرارات مدروسة مبنية على تحليل دقيق.
أسعار الذهب في العراق اليوم 25 مايو 2025، وسعر أونصة الذهب